الاثنين، 1 أغسطس 2016

جدي حسن / للراوي / محمد العزب

فى البداية أتوجه بالشكر للأستاذ
( سيف هيكل )
على سماحه لى بإستعارة
مقدمة إحدى قصصه

جدى

(1)

جدي حسن كان بالغ الذكاء .سريع البديهة ويحب ان يمشي وسط الناس متأنقا . أخبره بعض الاصدقاء أن هناك جزارا يستغلهم في المنطقة .فيزيد الاسعار ولا يعطي لهم لحما طيبا . ما كان من جدي حسن إلا انه ارتدي بذلة رمادية داكنة . وحمل دفترا يبدو لمن يراه انه حكوميا . ذهب الي ذلك الجزار وطلب رخصة المحل وتصريح الذبح وتبرطم بكلام عن التصاريح والتراخيص ومخالفة القوانين . جلب الجزار له كرسيا واجلسه هناك ثم قال له انه يقدم أفضل لحم علي مستوي المديرية كلها ثم وضع له قطعة لحم كبيرة ولفها في ورق بني اللون الورق المعروف بورق اللحم . تململ جدي حسن مرتين واخبر الجزار انه سيزوه مرة اخري وقد يزوره شخص اخر من التموين وساعتها ستصبح عيشة الجزار طين . كمصريين تربطنا علاقة وطيدة مع اللحم و نحبه مشويا او مسلوقا او محمرا او مشوحا مع البصل والتوابل . اللحم يأكله الفقراء مرة في الشهر والغني عدة مرات في الاسبوع ويحتفي به في المناطق الشعبية وفي المناسبات والافراح وكذلك في ولائم العرس .اللحم يصنع الفرحة وكذلك يسبب مرض النقرس .ستظل قطعة اللحم مميزة الي الابد وسيظل الجزار شخصية مميزة لكنها يقترب جدا من اللحم كل يوم . تعددت زيارات جدي حسن للجزار . وفي تلك المرة حين خرج الجزار ليصافحة ويعرفه علي خطيب بنته اصابت الدهشة جدي حسن تماما فذلك الخطيب الموعود كان جدي ياسين !!
جدي ياسين جميل الطلعة .عيناه زرقاوان وشعره اسود مسبب . لسانه عسل مصفي ويكتسب ثقة الناس في لحظة متزوج وعنده ولد وبنت .
أخذ جدي حسن نصيبه من اللحم وانصرف في صمت ......................

(2)

-يافتاح ياعليم..إنتظر يا(حسن) أفندى
هرول الجزار خلف جدى(حسن) يسترضيه ويسأله:
-خير يا(حسن) أفندى..ماذا ضايقك؟؟
إلتفت جدى اليه ورمقه بنظره حاده ثم سددها الى جدى (ياسين) الذى ارتبك وقال:
-خطيب ابنتك يامعلم(فتحى)
تراجع الجزار متوجسا:
-ماذا به؟ لاسمح الله
رمقه جدى الاكبر (حسن) بنظره اكثر حده :
-الا تعلم انه متزوج ولديه اولاد؟؟
-اعلم تمام العلم
اندهش جدى وهتف:
-ومع هذا وافقت علىى خطبته لابنتك!!
اقترب المعلم (فتحى) من جدى وقال فى مداهنه:
-لكنه شرع الله وانت سيد العارفين..ولا يعيب الرجل الا جيبه..وهو موظف ومهذب..فلماذا ارفض ؟
-لكنه متزوج من ابنتى..ونحن لانعلم..
رفع المعلم كفيه بمحاذاه كتفيه تعبيرا عن الجهل:
-ومقام (العطوى) لم اكن اعلم انه لم يخبر الجماعه عنده.. لقد تعدينا على الاصول بهذا..
ثم اقترب اكثر وهمس:
-ان شئت جعلته يطلقها الان..نحن لا يرضينا زعلك 
ثم ابتسم:
-ولا زعل الحكومه
رمقه جدى (حسن)بنظره الى القرف اقرب ثم غمغم فى غيظ مكظوم:
-لا يامعلم ..هذا لايرضينا
ثم التفت ليكمل طريقه دون سلام ملوحا بورقه اللحمه..يشيعه صوت المعلم (فتحى):
-مع الف سلامه يا(حسن) افندى
ثم التفت الى جدى (ياسين) معاتبا فى غلظه..
يقال ياساده ياكرام ان جدى الاكبر(حسن) عاد لداره وهو يضرب اخماسا فى اسداسا فى اعشارا..
احنقه ان موظف ارشيف درجه سادسه خدعه وابنته.. وهو من هو فى ذكائه ودهائه..ابنته (سعاد) -جدتى- هى البكريه اول فرحته واول مارأت عينه بعد سنوات من الانتظار..كي يطاوعه قلبه على كسر نفسها..
<الوغد..الوغد..سأريه>
وبينما زوجته الست(توحيده) تشوح قطعه اللحم استعدادا للغداء..اتخذ قرارا..!!
بعد هذا الموقف بيومين -كما يروى-قامت خناقه كبيره بين (عطوه)ابن الجزار و(احمد)بن(مدحت) الحلاق..بسبب لماضه ابن الحلاق فى الرد..وحاول الحاج (على) كبير الحاره التدخل..
(عطوه)الذى عرف بغباوته وايده الطرشه..امسك(احمد) وبين لكمات وركلات ضرب راسه فى احدى موائد المقهى الرخاميه فكسر له سنا..
المشكله هنا لم تكن فى السن نسه بقدر ماكانت فى مكانه..
من هنا بدأت مأساه فى الحاره..فقد فشلت كل خاطبه فى حارتنا وماجاورها من حارات فى تزويجه بعد عرض صورته بسنه المكسور فى وسط ابتسامته العريضه..
الحق انه لم يكن قبيحا ولم يلجأ للخاطبه الا بعد رفضه من بنات الحاره..والحاح امه الست(امنه) وزنها على دماغه ودماغ (مدحت) ابوه
وبقى الجو متوترا والود مفقودا عند (احمد) رغم الاف الاعتذارات من (عطوه) وعشرات الكيلوات من اللحوم البتلو والضانى والموزه التى ضحى بها المعلم (فتحى) ليتقى شر (احمد) مخافه ان يؤذى ابنه الاصغر..
ومضت سنوات وركب (احمد) سنا صناعيه وتزوج ثم رحل عن الحاره وطويت صفحته.
اما الحاج (على) فهو كبير الحاره والمؤذن الوحيد للزاويه التى انشأها تحت العماره ذات الادوار الخمس التى بناها..ولا يأخذك سوء الظن فتعتقد أنه بنى الزاويه ليتهرب من الضرائب..فهو راجل متقى وعارف ربنا وحج بيته الحرام مرات لاتحصى ومسك بايده شباك حبيبنا النبى وكافح ليلمس الحجر الاسود حتى كاد يلفظ انفاسه..
وكان (محروس)بن (الطوبجى) الفران يحكى لاقرانه قصصا خرافيه يقسم ان اباه سمعها من الحاج (على) نفسه..
منها انه لمح لاباه ذات مره بعثوره على قدر ممتلىء ذهبا باحدى الكهوف فى عاصمه الهند والسحر..وصدقه الحضور فهى بلاد الاساطير والافيال والبخور..ثم اقسم بمقام سيدى(العطوى)ان اباه صادق لايكذب ولاحتى فى عد ارغفه العيش..فيبصمون له بالعشره على مايقول..
كان الحاج (على) واسطه خير بين جدى (ياسين) والمعلم (فتحى) الجزار..بعد المكيده التى حاكها له جدى الاكبر (حسن) بذكاء..
الى هنا والروايات تختلف لكنها والحق يقال تتفق فى النهايه ..
يقال ان جدى(ياسين) اقنع خطيبته-بنت الجزار- ان تعطيه توكيلا عاما بصفته زوجها ليرفع قضيه ضد ابوها الذى طمع فى نصيبها من ميراث امها المتوفاه..والحق حبيب الله..وهذا مال يتامى ..والمعلم (فتحى) راجل ولابد ظالم ليفعل هذا مع ابنته..
وهو الذى علق ايه كريمه عن العدل على مدخل محل الجزاره..ويقسم دائما بعدل الله ..ولا يقسم بالله..
يقال ان هذا تم بايعاز من احد اصدقائه المقربين الذى سمع من جدى الاكبر (حسن) ونفذ المطلوب منه..
وفى روايه ان جدى (حسن)ذهب لمقر عمل جدى(ياسين)وعاتبه فى موده وتبسط معه فى الكلام واوعز اليه فى خبث ليفعل مافعل.وداين تدان..
المهم تتفق الروايتان ان جدى الاكبر(حسن)ذهب للمعلم (فتحى) واخبره بما فعله جدى (ياسين) فاحمر وجهه وبرزت اوردته كالاخطبوط حتى انه اشفق على جدى (ياسين)..
اتجه المعلم (فتحى) واولاده الثلاثه الى المقهى حث يتسامر جدى (ياسين) مع اصدقائه بعد صلاه المغرب..واخذوه عنوة الى بيتهم ..وواجهوه بما فعل..
وكانت علقه كتبت فى تاريخ الحاره..
ثلاثه بغال وثور انقضوا على غزال..وبعد ان شفوا غليلهم ..اقسم المعلم (فتحى) بالطلاق انه لن يطلع عليه صباح الا ان وقع كمبيالات وشيكات بعشرون الف جنيه..يتسلمها جدى (ياسين) بعد الغاء التوكيل العام .. والضامن هو الله .. والمعلم لا ياكل حراما مهما حدث
#حرف_واحد

(1)

جدي حسن كان بالغ الذكاء .سريع البديهة ويحب ان يمشي وسط الناس متأنقا . أخبره بعض الاصدقاء أن هناك جزارا يستغلهم في المنطقة .فيزيد الاسعار ولا يعطي لهم لحما طيبا . ما كان من جدي حسن إلا انه ارتدي بذلة رمادية داكنة . وحمل دفترا يبدو لمن يراه انه حكوميا . ذهب الي ذلك الجزار وطلب رخصة المحل وتصريح الذبح وتبرطم بكلام عن التصاريح والتراخيص ومخالفة القوانين . جلب الجزار له كرسيا واجلسه هناك ثم قال له انه يقدم أفضل لحم علي مستوي المديرية كلها ثم وضع له قطعة لحم كبيرة ولفها في ورق بني اللون الورق المعروف بورق اللحم . تململ جدي حسن مرتين واخبر الجزار انه سيزوه مرة اخري وقد يزوره شخص اخر من التموين وساعتها ستصبح عيشة الجزار طين . كمصريين تربطنا علاقة وطيدة مع اللحم و نحبه مشويا او مسلوقا او محمرا او مشوحا مع البصل والتوابل . اللحم يأكله الفقراء مرة في الشهر والغني عدة مرات في الاسبوع ويحتفي به في المناطق الشعبية وفي المناسبات والافراح وكذلك في ولائم العرس .اللحم يصنع الفرحة وكذلك يسبب مرض النقرس .ستظل قطعة اللحم مميزة الي الابد وسيظل الجزار شخصية مميزة لكنها يقترب جدا من اللحم كل يوم . تعددت زيارات جدي حسن للجزار . وفي تلك المرة حين خرج الجزار ليصافحة ويعرفه علي خطيب بنته اصابت الدهشة جدي حسن تماما فذلك الخطيب الموعود كان جدي ياسين !!
جدي ياسين جميل الطلعة .عيناه زرقاوان وشعره اسود مسبب . لسانه عسل مصفي ويكتسب ثقة الناس في لحظة متزوج وعنده ولد وبنت .
أخذ جدي حسن نصيبه من اللحم وانصرف في صمت ......................

(2)

-يافتاح ياعليم..إنتظر يا(حسن) أفندى
هرول الجزار خلف جدى(حسن) يسترضيه ويسأله:
-خير يا(حسن) أفندى..ماذا ضايقك؟؟
إلتفت جدى اليه ورمقه بنظره حاده ثم سددها الى جدى (ياسين) الذى ارتبك وقال:
-خطيب ابنتك يامعلم(فتحى)
تراجع الجزار متوجسا:
-ماذا به؟ لاسمح الله
رمقه جدى الاكبر (حسن) بنظره اكثر حده :
-الا تعلم انه متزوج ولديه اولاد؟؟
-اعلم تمام العلم
اندهش جدى وهتف:
-ومع هذا وافقت علىى خطبته لابنتك!!
اقترب المعلم (فتحى) من جدى وقال فى مداهنه:
-لكنه شرع الله وانت سيد العارفين..ولا يعيب الرجل الا جيبه..وهو موظف ومهذب..فلماذا ارفض ؟
-لكنه متزوج من ابنتى..ونحن لانعلم..
رفع المعلم كفيه بمحاذاه كتفيه تعبيرا عن الجهل:
-ومقام (العطوى) لم اكن اعلم انه لم يخبر الجماعه عنده.. لقد تعدينا على الاصول بهذا..
ثم اقترب اكثر وهمس:
-ان شئت جعلته يطلقها الان..نحن لا يرضينا زعلك 
ثم ابتسم:
-ولا زعل الحكومه
رمقه جدى (حسن)بنظره الى القرف اقرب ثم غمغم فى غيظ مكظوم:
-لا يامعلم ..هذا لايرضينا
ثم التفت ليكمل طريقه دون سلام ملوحا بورقه اللحمه..يشيعه صوت المعلم (فتحى):
-مع الف سلامه يا(حسن) افندى
ثم التفت الى جدى (ياسين) معاتبا فى غلظه..
يقال ياساده ياكرام ان جدى الاكبر(حسن) عاد لداره وهو يضرب اخماسا فى اسداسا فى اعشارا..
احنقه ان موظف ارشيف درجه سادسه خدعه وابنته.. وهو من هو فى ذكائه ودهائه..ابنته (سعاد) -جدتى- هى البكريه اول فرحته واول مارأت عينه بعد سنوات من الانتظار..كي يطاوعه قلبه على كسر نفسها..
<الوغد..الوغد..سأريه>
وبينما زوجته الست(توحيده) تشوح قطعه اللحم استعدادا للغداء..اتخذ قرارا..!!
بعد هذا الموقف بيومين -كما يروى-قامت خناقه كبيره بين (عطوه)ابن الجزار و(احمد)بن(مدحت) الحلاق..بسبب لماضه ابن الحلاق فى الرد..وحاول الحاج (على) كبير الحاره التدخل..
(عطوه)الذى عرف بغباوته وايده الطرشه..امسك(احمد) وبين لكمات وركلات ضرب راسه فى احدى موائد المقهى الرخاميه فكسر له سنا..
المشكله هنا لم تكن فى السن نسه بقدر ماكانت فى مكانه..
من هنا بدأت مأساه فى الحاره..فقد فشلت كل خاطبه فى حارتنا وماجاورها من حارات فى تزويجه بعد عرض صورته بسنه المكسور فى وسط ابتسامته العريضه..
الحق انه لم يكن قبيحا ولم يلجأ للخاطبه الا بعد رفضه من بنات الحاره..والحاح امه الست(امنه) وزنها على دماغه ودماغ (مدحت) ابوه
وبقى الجو متوترا والود مفقودا عند (احمد) رغم الاف الاعتذارات من (عطوه) وعشرات الكيلوات من اللحوم البتلو والضانى والموزه التى ضحى بها المعلم (فتحى) ليتقى شر (احمد) مخافه ان يؤذى ابنه الاصغر..
ومضت سنوات وركب (احمد) سنا صناعيه وتزوج ثم رحل عن الحاره وطويت صحته.
اما الحاج (على) فهو كبير الحاره والمؤذن الوحيد للزاويه التى انشأها تحت العماره ذات الادوار الخمس التى بناها..ولا يأخذك سوء الظن فتعتقد أنه بنى الزاويه ليتهرب من الضرائب..فهو راجل متقى وعارف ربنا وحج بيته الحرام مرات لاتحصى ومسك بايده شباك حبيبنا النبى وكافح ليلمس الحجر الاسود حتى كاد يلفظ انفاسه..
وكان (محروس)بن (الطوبجى) الفران يحكى لاقرانه قصصا خرافيه يقسم ان اباه سمعها من الحاج (على) نفسه..
منها انه لمح لاباه ذات مره بعثوره على قدر ممتلىء ذهبا باحدى الكهوف فى عاصمه الهند والسحر..وصدقه الحضور فهى بلاد الاساطير والافيال والبخور..ثم اقسم بمقام سيدى(العطوى)ان اباه صادق لايكذب ولاحتى فى عد ارغفه العيش..فيبصمون له بالعشره على مايقول..
كان الحاج (على) واسطه خير بين جدى (ياسين) والمعلم (فتحى) الجزار..بعد المكيده التى حاكها له جدى الاكبر (حسن) بذكاء..
الى هنا والروايات تختلف لكنها والحق يقال تتفق فى النهايه ..
يقال ان جدى(ياسين) اقنع خطيبته-بنت الجزار- ان تعطيه توكيلا عاما بصفته زوجها ليرفع قضيه ضد ابوها الذى طمع فى نصيبها من ميراث امها المتوفاه..والحق حبيب الله..وهذا مال يتامى ..والمعلم (فتحى) راجل ولابد ظالم ليفعل هذا مع ابنته..
وهو الذى علق ايه كريمه عن العدل على مدخل محل الجزاره..ويقسم دائما بعدل الله ..ولا يقسم بالله..
يقال ان هذا تم بايعاز من احد اصدقائه المقربين الذى سمع من جدى الاكبر (حسن) ونفذ المطلوب منه..
وفى روايه ان جدى (حسن)ذهب لمقر عمل جدى(ياسين)وعاتبه فى موده وتبسط معه فى الكلام واوعز اليه فى خبث ليفعل مافعل.وداين تدان..
المهم تتفق الروايتان ان جدى الاكبر(حسن)ذهب للمعلم (فتحى) واخبره بما فعله جدى (ياسين) فاحمر وجهه وبرزت اوردته كالاخطبوط حتى انه اشفق على جدى (ياسين)..
اتجه المعلم (فتحى) واولاده الثلاثه الى المقهى حث يتسامر جدى (ياسين) مع اصدقائه بعد صلاه المغرب..واخذوه عنوة الى بيتهم ..وواجهوه بما فعل..
وكانت علقه كتبت فى تاريخ الحاره..
ثلاثه بغال وثور انقضوا على غزال..وبعد ان شفوا غليلهم ..اقسم المعلم (فتحى) بالطلاق انه لن يطلع عليه صباح الا ان وقع كمبيالات وشيكات بعشرون الف جنيه..يتسلمها جدى (ياسين) بعد الغاء التوكيل العام .. والضامن هو الله .. والمعلم لا ياكل حراما مهما حدث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق